يقصد بالتحليل اللغوي تفكيك الظاهرة اللغوية إلى عناصرها الأولية التي تتألف منها، ... وتتنوع طرق التحليل اللغوي تبعا لتنوع المستوى اللغوي الذي تنتمي إليه الظاهرة اللغوية المراد تحليلها الى المستوى الصوتي أو التحليلي أو النحوي أو الصرفي، فتحليل الظاهرة التي تنتمي إلى المستوى الصرفي مثلا يختلف عن تحليل الظاهرة التي تنتمي إلى أحد المستويات اللغوية الأخرى كالمستوى الدلالي والتركيبي.

المستوى الدلالي


فالتغير الدلالي ظاهرة طبيعية نجدها في في مباحث المجاز، إذ تنتقل العلامة اللغوية من مجال دلالي معين إلى مجال دلالي آخر، و قد تتخلف الدلالة الأساسية للكلمة فاسحة مكانها لدلالة سياقية أو لقيمة تعبيرية أو أسلوبية، وبذلك تغدو الكلمة ذات مفهوم أساسي جديد ويستمر التطور الدلالي في حركة تتميز بالبطء والخفاء. ويتغير المعنى وينزاح المفهوم ليحل مكانه مفهوم آخر، إننا نسمي الأشياء ونغير المعنى لأن إحدى المشتركات الثانوية ليس لهاقيمة تعبيرية، أو قيمة اجتماعية فتنزلق الكلمة الدلالية تدريجياً إلى المعنى الأساسي وتحل محلها فيتطور المعنى".
وتنتقل الكلمة من الدلالة الحسية إلى الدلالة التجريدية، نتيجة لرقي العقل الإنساني ويكون ذلك تدريجياً، ثم قد تندثر الدلالة الحسية فاسحة مجالها للدلالة التجريدية، فالنمو اللغوي لدى الإنسان الأول، عرف في بداية تسمية العالم الخارجي الدلالة الحسية فحسب، ومع تطور العقل الإنساني إنزوت تلك الدلالات الحسية وحلت محلها الدلالات التجريدية.‏
و اللغة تقوم بتعديل بعض الكلمات لما لها من دلالات مكروهة و يمجها الذوق الإنساني وهو ما يعرف باللامساس، ويخضع ذلك لثقافة المجتمع ونمط تفكيره وحسه التربوي، فيلجأ المجتمع اللغوي إلى تغيير ذلك اللفظ ذي الدلالة المكروهة والممجوجة بلفظ آخر ذي دلالة يستحسنها الذوق، فكأن اللامساس يؤدي إلى تحايل في التعبير أو ما يسمى بالتلطف، وهو إبدال الكلمة الحادة بالكلمة الأقل حدة، وهذا النزوع نحو التماس التلطف في استعمال الدلالات اللغوية هو السبب في تغير المعنى.
[وتخصيص الدلالة، يعني تحويل الدلالة من المعنى الكلي، إلى المعنى الجزئي أو تضييق مجال استعمالها، أما تعميم الدلالة فمعناه أن يصبح عدد استعمالات الكلمة كثير ويصبح مجال استعمالها أوسع .
أما رقي الدلالة وانحطاطها فيدرج تحت مصطلح "نقل المعنى" إذ قد تتردد الكلمة بين الرقي والانحطاط في سلم الاستعمال الاجتماعي، بل قد تصعد الكلمة الواحدة إلى القمة وتهبط إلى الحضيض في وقت قصير، مثال على ذلك "كانت دلالة طول اليد كناية عن السخاء ،والكرم ،وهي قيمة عليا لكنها اليوم أضحت وصفاً للسارق إذ يقال له: هو طويل اليد.